أم مبشر بنت البراء رضي الله عنها أبوها الصحابي الجليل البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان، الخزرجي الأنصاري.


كان أحد النقباء ليلة بيعة العقبة نقيب قومه بني سلمة في بيعة العقبة الأولي وكان أول من بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم. قال عنه الذهبي: كان فاضلا تقيا، فقيه النفس، مات قبل قدوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمدينة مهاجرا بشهر. وكان أول من استقبل القبلة البيت الحرام في صلاته وحين وفاته.

ويذكر ابن إسحاق عن معبد بن كعب عن أخيه عبدالله عن أبيه قال: خرجنا من المدينة نريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وخرج معنا حجاج قومنا من أهل الشرك، حتى إذا كنا بذي الحليفة قال لنا البراء بن معرور وكان سيدنا وكبيرنا: تعلمن والله لقد رأيت ألا أجعل هذه البنية - يقصد الكعبة - مني بظهر، وأن أصلي إليها.

فقلنا له: والله لا نفعل، ما بلغنا أن نبينا يصلي إلى الشام.

فلقد رأيته - يقصد البراء - إذا حضرت الصلاة يصلي إلى الكعبة، فعبنا عليه وأبى إلا الإقامة عليه، حتى قدمنا مكة فقال لي:

- يا ابن أخي لقد صنعت في سفري شيئا ما أدري ما هو، فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلنسأله عما صنعت.

فقال: هل تعرفانه؟ قلنا: لا. قال: فهل تعرفان العباس.

قلنا: نعم

فقد كان العباس يختلف إلينا بالتجارة، فعرفناه فقال: هو الرجل الجالس معه الآن في المسجد فأتيناهما فسلمنا وجلسنا، فسألنا العباس: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من هذان يا عم؟.

قال: هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - الشاعر.

فقال البراء: يا رسول الله لقد صنعت كذا وكذا

فقال: قد كنت على قبلة لو صبرت عليها. فرجع البراء إلى قبلته. ثم واعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة الأوسط.

وقد أوصى البراء قبل وفاته للنبي - صلى الله عليه وسلم - بثلث ماله وأوصى بالثلث في سبيل الله والثلث لورثته ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلث الذي أوصي به له إلى ورثته.

ومات في صفر قبل الهجرة النبوية للمدينة بشهر، ولما حضرته الوفاة أوصي أن يدفن وتستقبل به الكعبة، ولما قدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - المدينة أتي قبره وكبر وصلى عليه أربعا ودعا له.

وحول حياة أم مبشر وسيرتها يقول الباحث الاسلامي منصور عبدالحكيم: أسلمت أم مبشر وبايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة، ويطلق عليها أم بشر أيضا. وكانت ذات علم وفقه وعدّت من كبار الصاحبيات كما قال ذلك ابن عبدالبر، ولكثرة زيارتها لبيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلاتها بزوجاته - رضي الله عنهن - حفظت من الأحاديث النبوية وتعلمت الفقه، فقد روت عشرة أحاديث وروى عنها من الصحابة جابر بن عبدالله ومن التابعين مجاهد بن جبير المخزومي الإمام الشهيد وهو إمام الفقه والتفسير والحديث وهو من الذين تعلموا من كبار الصحابة أمثال ابن عباس رضي الله عنهما.

ومن مروياتها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة فقال: لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية.

قالت حفصة: أليس الله يقول: وإن منكم إلا واردها. فقال - صلى الله عليه وسلم: ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا.

وروى عنها مجاهد قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ألا أخبركم بخير الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: رجل في غنيمة له يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة قد اعتزل شرور الناس.

زارها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه أصحاب التاريخ والسيرة، فكان لها الشرف العظيم بل وأهداها من هديه هذا الحديث الذي ترويه هي، فتقول: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في نخل لي فقال: من غرسه مسلم أو كافر؟. قلت: مسلم. قال: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طائر أو سبع إلا كان له صدقة. ذكره ابن سعد في الطبقات وابن حجر في الإصابة

وتزوجت أم بشر من الصحابي زيد بن حارثة - رضي الله عنه.

وعاشت بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تتابع مسيرة الجهاد والايمان ولم تذكر كتب السيرة والتاريخ وقت وفاتها - رضي الله عنها وأرضاها.