مع مليارات دولار ينفقها العرب سنوياً على السحر

تحوّل بعض القنوات الفضائية العربية، خصوصاً قنوات الدجل والشعوذة التي انتشرت بكثافة في السنوات الأخيرة، إلى معاول تهدم الثقافة والتقاليد التي طالما حافظت على البيت العربي. «الجريدة» حاولت معرفة أسباب انتشار هذه المحطات ودوافع إقبال الناس عليها ومدى تأثيرها عليهم.

تقول سلوى محمد (موظفة، 45 عاماً): «السحر موجود ومذكور في القرآن الكريم، لكنه لا يضر أحداً إلا بإذن الله وحده، ولا بد من أن نعي هذا جيداً. أعرف كثيرين وقعوا ضحية السحر، وشخصياً مررت بتجربة من هذا النوع، لكنني غير متأكدة إذا كان ما يقدّم في بعض الفضائيات حقيقياً فعلاً ويساعد الناس في التخلص من السحر. أتابع هذه القنوات من باب التسلية فحسب، لكنني لا أعتبرها مفيدة بأية حال».

أما إنجي بدر (موظفة، 26 عاماً) فتوضح: «لا أؤمن بالسحر. إذا أخبرت مقدّم برامج السحر والشعوذة عن اسمي واسم أمي سيعرف إن كنت وقعت ضحية السحر؟ لا أعتقد ذلك. فثمة كثيرات بنفس اسمي وأمهاتهن لهن اسم أمي ذاته. يصدّق البسطاء كل ما يُعرض أمامهم في هذه المحطات التي تدمر البيوت العربية بخزعبلات تبثها على مدار الساعة. ناهيك عن أن نسبة مرتفعة من المتعلمين والمثقفين تصدق ما يرد في هذه البرامج، وتذهب إلى الدجالين لفك ما تعتبره سحراً».

يشير أحمد عبد المنعم (مهندس، 27 عاماً) إلى أن «أمتنا تعاني تخلّفاً علمياً وثقافياً، تزيده هذه الفضائيات استفحالاً، عبر ما يمكن تسميته بـ{التخدير الإعلامي» الذي يصرف أنظار الناس عن قضاياهم ومشكلاتهم الحقيقية».

غياب العقل

«ليس من الصواب أن نردّ أسباب كل ما يصيبنا في الحياة من قلق أو ضيق أو اكتئاب إلى السحر والشعوذة»، يقول أحمد حامد (صيدلي، 25 عاماً)، ويضيف: «ضغوط الحياة وصراعاتها كثيرة، ولا يُعقل أن كل من يتعرّض لمشكلة يكون مسحوراً. أرى أن سبب انتشار قنوات السحر الرئيس هو ابتعادنا في المقام الأول عن الدين والعلم والتحوّل إلى التفكير البدائي الخرافي».

بدوره يستنكر

د. إسماعيل يوسف (أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي في جامعة قناة السويس المصرية) ظهور هذه القنوات، قائلاً: «مجتمعاتنا العربية تتحوّل إلى نظام رأسمالي يعتمد على تحقيق الربح بأي وسيلة، حتى لو وصلت إلى الإجرام في حق الناس، لذا ظهرت بعض الأمور التي هي في الحقيقة مجرد تفاهات لا أساس لها من الصحة، ولا تحمل قيمة بل تلعب على مشاعر الناس وتضللهم وتهدم العلاقات الإنسانية بينهم}.

يضيف د. يوسف: «تغيّب هذه القنوات العقل العربي وتعلي من شأن الخرافة وتجاهل العلم، لذا لا بد من أن تُحسّن وسائل الإعلام أوضاع الناس الثقافية وتهتم بأحلامهم وطموحاتهم، وهذا لن يتحقق أبداً في ظل ترويج الإعلام للخزعبلات. خطورة هذه القنوات أنها ترسّخ الجهل والتخلّف، ولا تساعد في بناء مجتمع متطوّر».

يلفت د. يوسف إلى أن الناس يتّجهون إلى هذه الفضائيات لتغييب عقولهم وتخدير رؤوسهم تماماً مثلما يفعل مدمن المخدرات. بمعنى آخر أن هذا السلوك الخاطئ ينطوي على محاولة واضحة للهروب من مشاكل الواقع المختلفة نتيجة التفكك الأسري وغياب الوازع الديني وتراجع الدور الثقافي والتنويري.

أسباب

تشير الاختصاصيّة الاجتماعيّة أميرة بدران إلى أبرز أسباب ظهور قنوات السحر:

• كثرة القنوات الفضائية جعلت الإعلاميين يبحثون عن صيحة جديدة، وتقديم مواد مغايرة للمطروح على الساحة.

• اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين.

• الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المرير الذي نعيشه في عالمنا العربي.

• الإنسان يحاول أن يعرف سبب المشاكل، لكنه في الوقت ذاته لا يحمّل نفسه أي قدر من المسؤولية، وينظر إلى الآخرين دائماً على أنهم السبب.

ترى بدران أن المرأة أكثر إقبالاً على مشاهدة هذه القنوات، لأنها بطبيعتها تحب الفضفضة، فيما يهتم الرجل بعمله بدرجة أكبر.

هذا أيضاً ما تؤكده نتائج الدراسة الميدانية التي أجراها محمد عبد العظيم (الباحث في «مركز البحوث الجنائية» في القاهرة)، والتي تشير إلى أن «نصف نساء العرب يعتقدن بفعل الخرافات والخزعبلات ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية. و50% من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكلهن. وتؤكد الدراسة أن العرب ينفقون حوالي 5 مليارات دولار سنوياً على السحر والشعوذة}.

عن رأي الدين يقول د. أحمد يوسف (أستاذ الشريعة في كلية دار العلوم - جامعة القاهرة): «السحر المذكور في القرآن مقصود به التخييل وإيهام الناظر، فالله تعالى يقول في كتابه الحكيم: «يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى» (طه 66)، ويقول أيضاً «سحروا أعين الناس» (الأعراف 116). والعرب قديماً كانوا يسمون كل شيء عجيب لا يعرفون سره سحراً».

يضيف د. يوسف: «السحر موجود فعلاً، لكن ليس كما يتصوره الناس، بل كما جاء في القرآن. وأحد أبرز أسباب انتشار قنوات السحر في السنوات الأخيرة، الجهل وضعف العلم، بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام لدينا لا تعتمد المنهج العلمي في التفكير بعكس ما دعا إليه القرآن في قوله تعالى: «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» (البقرة 111). فالمنهج العلمي لم يعد موجوداً حتى لدى المتعلمين، لذا أدعو كل مَنْ يُشاهد هذه القنوات إلى معالجة الأمور بعقلانية وعلم وموضوعية، فلكل شيء سبب علمي أو أسباب اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، ولا يُعقل أن نُعلِّق مشكلاتنا على شمّاعة السحر، فهذا تواكل حذّر منه الإسلام ونبّه الى خطورته. علينا البحث عن أسباب المشكلات الحقيقية».

كذلك يدعو الإعلامي تامر أمين (مقدم برنامج «البيت بيتك» على الفضائية المصرية) إلى ضرورة توافر إعلام محترم يسيطر على فوضى الفضائيات التي تسعى إلى الحديث عن تفسير الأحلام وبرامج الدجل والشعوذة: «ما تبثه الفضائيات من برامج دجل وشعوذة لا تصلح أن تدخل إلى بيوتنا. لا بد من قوة جبرية تردع أصحاب هذه القنوات».

» السحر ذلك العالم المجهول أقوي محاضرة علي الإطلاق تحدثت عن السحر وتاريخه وكيفية تحضير الجن وكيفية العلاج من السحر وكيف
» من معنى كلمة الجن عند العرب ، ومعلومات عن حياتهم وطرق معيشتهم
» تتعرف على نوع السحر
» بعض كتب السحر 00 فأحذروها
» مع السحر والسحرة